
الحمّى الروماتزمية هي من أكثر الكلمات انتشارا في مصر و خصوصا انها تعد من الأمراض المتوطنة في بلدنا العزيز و لكن ما هي الحمى الروماتزمية و ما هي أعراضها و مضاعفاتها و كيفية التخلص منها و علاجها و ما علاقتها بالقلب ؟
الحمّى الروماتزمية هي في الأساس أحد الأمراض المناعية و التي يتسبب في حدوثها عدوى باكتيرية يسببها الميكروب السبحي و الذي يصل الى الجسم من خلال النفس و لذلك ينتشر بسرعة في الاماكن المزدحمة معدومة التهوئة مثل المدارس و العشوائيات حيث المساكن الضيقة المتكدسة بالسكان ، و يعد الأطفال هم الأكثر اصابة بهذا المرض. عادة ما يصيب الميكروب السبحي الحلق مما يؤدي الى التهاب شديد باللوزتين و ارتفاع بدرجة حرارة الجسم و غيرها من الأعراض المصاحبة لهذا الالتهاب الشديد و لكن ليست هذه هي الحمّى الروماتزمية ، هذا مجرد التهاب بكتيري بالحلق لكن نظرا لتوفر المناخ المناسب و هو الرطوبة و الزحام و نقص الوعي الصحي لدى معظم الناس تتكرر الاصابة بهذا الميكروب مرات عدة و عندها تتكون اجسام مضادة لهذا الميكروب في الجسم و لكنها لا تهاجم الميكروب و فقط بل ايضا تهاجم أعضاء الجسم المختلفة و على رأسها القلب و المفاصل و أحيانا المخ و الجلد و حينها تظهر أعراض التهاب هذه الاعضاء و هذا هو ما يسمى " بالحمّى الروماتزمية" و التي تتميز بالتهاب شديد في المفاصل و على وجه الخصوص المفاصل الكبرى في الجسم كالركبة و مفصل الحوض ، و لكنها لا تصيب أكثر من مفصل واحد في طرف واحد في نفس الوقت و هذه هي أحدى اهم العلامات في تشخيص التهاب المفاصل الناتج عن الحمّى الروماتزمية. كما تقوم هذه الاجسام المضادة بمهاجمة القلب مما قد يؤدي الى هبوط حاد في عضلة القلب و يستوجب حجز المريض في المستشفى لتلقي العلاج اللازم. و تعد اصابةالقلب هي من أهم و أخطر مضاعفات الحمّى الروماتزمية فهي قد تؤدي الى الوفاة في المرحلة الحادة للمرض بسبب الضرر الذي تلحقة بالقلب كما أنها تترك أثار ضارة بالقلب بعد انتهاء هذه المرحلة الحادة و رغم علاج المريض ، فهي تتسبب في تليُّف صمامات القلب مما يؤدي اما الى ضيق الصمامات المصابة أو ارتجاعها و الذي يعني عدم قدرة الصمام على الغلق باحكام لمنع رجوع الدم الى غرف القلب المختلفة مما يؤدي الى اضعاف عضلة القلب تدريجيا و الذي قد ينتهي بهبوط عضلة القلب لذا لابد من اكتشاف هذا المرض مبكرا و علاجه العلاج الأمثل اما عن طريق الدواء أو الجراحة و هذا ما يحدده الطبيب المعالج . كما أن وجود صمامات غير سليمة بالقلب يجعل منها طربة خِصبة لتراكم البكتيريا عليها و التي قد تصل الى القلب عن طريق الدم و ذلك لا يحدث الا بعد اجراء أي جراحة و لو صغيرة مثل خلع السن أو غيرها من جراحات الأسنان المختلفة و التي بذلك تفتح طريقا امام الميكروبات الموجودة بالفم للدخول للدم فمن المعروف أن الفم هو من أكثر الأماكن المليئة بالميكروبات المختلفة و المتوحشة في اصابتها ، فتدخل هذه البكتيريا الى الدم و تهاجم تلك الصمامات المصابةمما يؤدي الى عدوى بكتيرية قاتلة في القلب قد تنتهى بهبوط حاد في عضلة القلب لذا يجب استشارة طبيب القلب قبل اجراء أي جراحات و تناول المضاد الحيوي المناسب قبلها لقتل أي ميكروب يدخل الدم و منعه من الوصول الى القلب المصاب
و ما هي أعراض اصابة صمامات القلب بالروماتزيم ؟
يعتمد ذلك عى درجة الاصابة فقد تكون بسيطة لدرجة أنها لا تُحدث أي اعراض و كلما زادت درجة الاصابة ظهرت الأعراض المختلفة مثل صعوبة التنفس المرتبطة بالمجهود والاعياء الشديد المرتبط بالمجهود أو تورم القدمين أو خفقان القلب أو الم في الصدر سواء مع المجهود أو أثناء الراحة أو الاغماءات المتكررة لذا عند الشعور بأياً من هذه الأعراض لابد من زيارة الطبيب للتأكد من سلامة القلب
و ما علاقة البنسيلين طويل المفعول بالحمّى الروماتزمية ؟
كثيرا ما نسمع عن مرضى وُجدت لديهم الاجسام المضادة للميكروب السبحي عالية فبدءوا في تناول البنسيلين طويل المفعول و هذا اجراء خاطئ فليس كل من لديه اجسام مضادة للميكروب السبحي ينبغي عليه أخذ هذا الدواء فهو يؤخذ فقط اذا حدثت للمريض حمّى روماتزمية و التي سبق وصف أعراضها فاذا لم تؤثر على القلب يؤخذ البنسلين لمدة 5 سنوات بعد المرحلة الحادة أو حتى اتمام الواحد و العشرين عاما و اذا أصيب القلب تؤخذ لمدة عشر سنوات بعد المرحلة الحادة أو حتى اتمام الخامسة و العشرين عاما هذا اذا لم تترك الحمّى الروماتزمية اثرا في القلب و لكن اذا تركت اثر على صمامات القلب تؤخذ لمدة عشر سنوات أو حتى اتمام الاربعين عاما و ذلك لمنع تكرار العدوى فهو لا يعالج الصمامات المصابة
اذا الحمّى الروماتزمية هي مرض متوطّن في بلدنا العزيز و ينبغي الحد منه و تقليل الاصابة به من خلال تجنب الأماكن المزدحمة و التهوئة الجيدة للمدارس و أي مكان به تجمعات كبيرة و علاج الاطفال الذين يعانون من التهابات متكررة بالحلق و اللوزتين علاجا سليما لمنع دخول الميكروب السبحي الى الدم و تكوين اجسام مضادة له ، و ايضا من خلال الفحص الدوري لطلاب المدارس لاكتشاف أي اصابات في القلب مبكرا و البدء في علاجها العلاج المناسب و ذلك للمحاولة في القضاء عليه و المحافظة على قلوب اطفالنا ادام الله عليهم الصحة و العافية
مع تحياتي
د/محمد هيكل